قليلة هي الكتب التي تدفع إلى تغيير الموقف أو النظرة من الحياة، لكن ندرتها والأثر الذي تتركه لدى القارئ يضمنان لها الخلود وذيوع الصيت. رواية زوربا اليوناني لكاتبها اليوناني نيكوس كازانتزاكيس الصادرة في طبعتها الأولى عام 1946، التي لم يقتصر نفوذها الأدبي على مجال الرواية بل امتد إلى السينما والموسيقى وحتى الفلسفة، كانت من جنس الروايات الحاثة على التفكير في الحياة. كانت للرواية مشتقاتها الكثيرة؛ إضافة إلى النص الذي ترجم إلى العشرات من اللغات.
زوربا الرجل الأمي الذي عجن ثقافته بطين التجارب والأسفار وهي الثقافة التي أتاحت له أن يكوّن موقفا مختلفا من الحياة قوامه صون إنسانيته من كل التهديدات “تخلصت من الوطن، تخلصت من الكاهن، تخلصت من الماء. إنني أغربل نفسي. كلما تقدم بي العمر غربلت نفسي أكثر. إنني أتطهر. كيف أقول لك؟ إنني أتحرر، إنني أصبح إِنسانا”. آلة السنتوري التي يعزف بها زوربا آلامه وأشجانه، والحوارات العميقة التي تتقصد سبر أغوار النفس الإنسانية، كلها مشتقات للكتاب يعسر أن تغادر ذاكرة كل قارئ.
______________________________